مريم قرزة (أخصائية نفسية): « المنتخب الجزائري بحاجة إلى أخصائي نفسي »

في هذا الحوار، تلخص الأخصائية النفسانية مريم قرزة الأسباب التي أدت إلى النتيجتين السلبيتين للمنتخب الجزائري في مباراتيه أمام سيراليون وغينيا الاستوائية، مرجعة ذلك إلى العامل النفسي الذي أثر كثيرا في المجموعة، كما أكدت أن المنتخب الوطني يلزمه أخصائي نفسي لمرافقة اللاعبين وحتى الطاقم الفني في مثل هذه المنافسات، وأسباب أخرى تكتشفونها في هذه الأسطر…

المنتخب الجزائري حقق بداية متعثرة مثلما يعلم الجميع، بعد تعادل أمام سيراليون وخسارة أمام غينيا الاستوائية، وهناك إجماع على أن المشكل الذي يعاني منه المنتخب نفسي، بصفتك أخصائية نفسية ما قولك في هذا الموضوع؟

إذا قمنا بعزل جميع الأسباب التقنية وغيرها لا يبقى لدينا سوى المشكل النفسي الذي ظهر جليا على اللاعبين وعلى الناخب الوطني، من خلال الضغط النفسي والتوتر الكبير الذي أثر سلبا عليهم في الأداء وعدم القدرة على التركيز داخل أرضيه الميدان، فضلا عن التشتت الفكري والعصبية والانفعال، خاصة الحالة الانفعالية التي كان عليها الناخب الوطني، كل هذه الأسباب النفسية أدت إلى غياب نتيجة فعلية في الميدان.

الكل شاهد الناخب الوطني جمال بلماضي على الأعصاب من خط التماس وهو يصرخ على لاعبيه، ألا ترين أن ذلك السلوك يؤثر على اللاعبين أو يزيدهم شحنة؟

أكيد هذا الشيء ليس إيجابيا وهذا التصرف يضر اللاعبين ويضر النتيجة النهائية، وهذا ما حدث فعلا، فعدم التحكم في الانفعالات وإطلاق العنان للعصبية والغضب وتركها تتحكم في سلوك وتصرفات الناخب الوطني نقل بصفة مباشرة كل الشحنات السلبية إلى اللاعبين، والذين هم أصلا كانوا تحت ضغط نفسي، وبذلك السلوك أضاف لهم ضغطا سلبيا من خلال الصراخ والحركات التي كان يقوم بها من خط التماس، لأن دور الناخب الوطني في هذه الحالة يجب أن يكون مهدئا للاعبين وداعما لهم في أرضيه الميدان، ويحاول أن يمنحهم ثقة في أنفسهم، خاصة بعد تضييع الفرص، لكننا رأينا عكس ذلك على أرضيه الميدان.

ألا ترين أن المنتخب الجزائري وحتى الناخب الوطني جمال بلماضي بحاجة إلى أخصائي نفساني يرافق الفريق واللاعبين؟

إذا رجعنا إلى دور الأخصائي النفسي فنجده ضروريا في كل المجالات، بدليل أن الفرق الكبرى العالمية تستعين كلها بأخصائيين نفسانيين مهمتهم التحضير الفردي والجماعي للاعبين من الناحية النفسية، إن العمل النفسي ضروري وأساسي، لأن الحضور الذهني والنفسي إذا لم يكن موجودا فإن كل التحضيرات الفنية والتكتيكية والبدنية وغيرها ستفقد قيمتها وفعاليتها أمام العامل النفسي، وبالخصوص الضغط النفسي والتوتر الذي يمكن اعتباره القنبلة التي تفتك وتهدم جميع التحضيرات البدنية والفنية.

حتى سلسلة اللاخسارة يمكن أن تكون قد أثرت كثيرا على المجموعة وزادت الضغط على اللاعبين، ما قولك؟

إذا رجعنا إلى تحليل لغة الجسد الخاص باللاعبين والناخب الوطني بخصوص موضوع سلسلة اللاخسارة، نجد أنه كان هناك تأثر كبير بتوقف هذه السلسلة، وهذا يعني أنها كانت من الأولويات، خاصة للناخب الوطني جمال بلماضي، فإذا رجعنا إلى الندوة الصحفية ومن خلال الأسئلة التي طرحت عليه وردود فعله وتحليل لغة جسده، يظهر التأثر الكبير لهذا الإخفاق، ومعنى هذا أن هذه السلسلة أثرت سلبا على الناخب الوطني وبالتالي على اللاعبين، لأنها أضافت ضغطا زائدا وإضافيا كانوا بغنى عنه، وهذا ما يفسر عدم التركيز والتشتت الذي كان عليه اللاعبون والعصبية والانفعال الذي ظهر على الناخب الوطني في أرضيه الميدان.

نلمس من كلامك أن نهاية هذه السلسلة هي نعمة أكثر مما هي نقمة، أليس كذلك؟

أظن ذلك لأنها وضعت الناخب الوطني بلماضي والفريق تحت ضغط إضافي وأثرت سلبا على اللاعبين وعلى مردودهم، من خلال عدم التركيز والتشتت الذي ظهروا عليه، كانت هذه السلسلة لتكون حافزا وعاملا إيجابيا لنا إذا أخذناها من الناحية الإيجابية فقط ولم نجعلها من أولوياتنا، فعدم ترتيب الأولويات هو الذي جعل هذه السلسلة تكون عبئا على عاتق المدرب واللاعبين، وبالنتيجة أثرت سلبا.

ما الذي يجب فعله في مباراة غد أمام كوت ديفوار؟ من الجانب النفسي طبعا

الفريق يمر بمرحلة انتقالية جد حساسة ويجب التركيز فيها على العمل النفسي، من خلال تكثيف حصص التفريغ الانفعالي الفردي والجماعي وإجراء جماعات الحوار التي يجتمع فيها الناخب الوطني واللاعبون لتفريغ المشاعر السلبية وإزالة كل الأفكار السلبية التي مروا بها، زد على ذلك محاوله العمل على التحفيز ورفع المعنويات من خلال الإفادة من الخبرة وأخذ إيجابيات التجارب السابقة والتعلم من السلبيات والأخطاء التي ارتكبوها، وكذلك محاوله تحمل المسؤولية، كما يجب التركيز على رفع روح الفريق الواحد وإعادة التجانس والتوافق بين اللاعبين، وهذا من خلال إعادة بعث روح المحاربين، فهذه الصفة هي الحافز الرئيسي لمحاربي الصحراء.

شكرا لك أستاذة ولك الحرية في إنهاء هذا الحوار…

العفو والشكر موصول أيضا لكم… في الأخير أود القول أن الإخفاق طبيعة في البشر وليست نهاية العالم، فإذا لم تكن هناك خسارة وفشل فلن نعرف معنى النجاح وطعمه، إذن يجب أن تكون هذه الفترة مجرد كبوة جواد وبعدها يرجع للنهوض وأن لا تكون هذه الواقعة التي ليس بعدها وقوف، على أن نتعلم من أخطائنا ونحوّل السلبي إلى إيجابي… هذا هو النجاح الحقيقي وبالتوفيق للمنتخب الوطني.

إترك تعليق

البريد الالكتروني الخاص بك لن يتم نشرة . حقل مطلوب *

*

24 ساعة
أهم المقالات
استطلاع الرأي
Polls

من ترشح للتتويج بلقب كأس إفريقيا للأمم لفئة أقل من 17 سنة؟

View Results

Loading ... Loading ...
تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي‎
عدسة الموقع